Thursday, May 2, 2013

هروب

و قد اعتاد على الهروب من مشاكله, و قد اتخذ هروبه عدة أشكال فكان السفر واحدًا منها .
عشرة أعوام من السفر , عشرة أعوام من الهرب !
كيف يجرئون على أن يُطالبوا من عانت روحه الاغتراب حتى اعتادت أن تستقر ؟!
السفر مرهق و الاستقرار أكثر إرهاقًا, السفر يتيح الهروب و الاستقرار يعني الالتزام .

" -ألم تُسافر من قبل ؟
- لا , أرجوك إوصف لي كيف يكون ؟
-إنه حرية أو ربما تحليق - وكلاهما سيان - أن تكون معلقًا بين وطنين \ مكانين , فتكون روحك مشتته أو كفراشة حائرة بين الزهور
فتحط على تلك لتمتص من رحيقها فينتزعها القدر على غير رغبة لتذهب لأخرى فلا  تكاد تحط عليها حتى تُنتزع مرة أخرى ! "

و قد كان الهروب وسيلة مجدية في مواجهة المتاعب و ليس الخروج منها فحسب و في التخلص من مشاعر الحزن \ التردد \ التعلق 
فكل اشتياق\شوق , حزن , تبرم , استياء يُدس في صندوق عتيق ويُغلق عليه بمفاتيح و يُدفن في أعماق الأعماق فيُنسى أو يتناسى 
كأنما يؤجل مواجهة الأمر لوقت لاحق , كأنما يؤجل موت أحدهم لوقت لاحق, كأنه ما زال حي بداخله.
أن يكون حي حتى يأتي وقت يبحث عنه فيه فلا يجده فيتذكر رحيله منذ زمن بعيد ثم يُزيل تلك الفكرة الرهيبة ليعود حيًا مرة أخرى في مكان ما .
فهو يهرب من الواقع فيؤجل مواجهة كل ما يُستجد به , فلا يتأقلم معه بل يدعه  في مكان ما بداخله , مُعلق, حتى يحدث أيا ما كان  فيصتدم به